[size=12]اخترت أن تكون أولى مقالاتي التي تنشر في هذا المنتدي الكريم ( عشاق الجنة ) والذي دعيت للتسجيل فيه والانتماء إليه بدعوة كريمة من الأستاذ الفاضل " الأسير " فشكرا جزيلا لهذا الفضل الذي اسبغه علي .
اخترت مقالتي ... عن " الشعر الحلمنتيشي – الفكاهي - " وعن فارس من فرسانه – بالتحديد –
- " حسين شفيق المصري " ( لعل أكثر أبناء اليوم لا يعرفه !! )
- واليكم نبذة من سيرته
* - حسين شفيق المصري.. الذي ولد بالقاهرة عام1882م لأبوين تركيين ، وتوفي بالقاهرة عام 1948 م وبين التاريخين عاش شاعرنا حياة الصعاليك بعد أن بدد ثروته التي ورثها عن أبوه فيما لا يفيد ( الهلس ) فقد كان متلافا لحد التهور .. ولم يحظى بقدر من التعليم فقد ترك مدرسة " أم عباس " ولم ينل الشهادة الابتدائية .. لكنه كان شغوفا بالقراءة فانكب على قراءة كتب الأدب حتى أصبح حجة في اللغة والشعر ، وراوية لأدب العرب وشاعرا مجيدا للشعر الشعبي الفكاهي والشعر المقفى – وإن ذاعت شهرته بالأول ) حتى انه تولي رئاسة تحرير مجلة " كل شيء والعالم " ثم مجلة " الفكاهة " التي كانت تصدرهما دار الهلال ، ثم اصدر هو مجلة باسم " الأيام " وقد وصفه الكاتب الساخر – محمود السعدني – بقوله :
( ظل حسين شفيق المصري يتدحرج طول حياته ويتقلب في مهن كثيرة ، من كاتب محام إلى مصحح في الجرائد إلى زبون دائم في مقاهي القاهرة وعلى أرصفتها الشهيرة ، ومن خلال هذه المهن الغريبة استطاع العبقري أن يرى الحياة كما لم يرها احد من قبل )
وقد برع شاعرنا في كشف عورات النظام الاجتماعي .. كان صاحب مدرسة في الأدب والشعر والفكاهة لما يتمتع به من خصوبة خيال واتساع أفق وقدرة على الإبداع ، فظل طيلة خمسين عاما يضحك الناس وهو في قمة الألم والمأساة !! يقول :
تعففت حتى قيل إن له غنى
وأكثر مالي لو علمت قليل
وطولبت بالإحسان ، لست بقادر
عليه ، فقالوا : إنه لبخيل
فأيقنت أن البخل والفقر واحد
وان بخيل الأغنياء ذليل
وقد أثارت ازدواجية حسين شفيق المصري حيرة الناس ، فقد كان متمكنا من العربية وفي نفس الوقت كان من ابرز بل ابرز شعراء العامية
* - الشعر الحلمنتيشي
______________________
هو الشعر الفكاهي الضاحك الساخر .. وشاعرنا حسين شفيق المصري هو أول من أطلق عليه " الشعر الحلمنتيشي ط حيث كان شاعرنا يعارض مطلع القصائد القديمة بقصائد فكاهية ضاحكة فبدأ معارضة " المعلقات السبع " التي نظمها الشعراء الجاهلين بقصائد أطلق عليها " المشعلقات " ثم نظم قصائد أخرى يعارض بها القصائد المشهورة في الشعر العربي قديمه وحديثه وسناها " المشهورات " وبدأ – مشعلقاته – بمعارضة للشاعر الجاهلي – طرفة بن العبد – في معلقته التي مطلعها:
لخولة أطلال ببرقد ثهمد
تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد
فعارضها شاعرنا حسين شفيق المصري بقوله :
لزينب دكان بحارة منجد
تلوح بها أقفاص عيش مقدد
وقوفا بها صبحي على هزازها
يقولون لاتقطع هزازك واقعد
أنا الرجل الساهي الذي تعرفونه
حويط كجن العطفة المتلبد
فلما تناغشنا الغداة وهزرت
معانا وأعطتنا " برولا " بموعد
فأقبل زوج البنت يلعن أمها
ويسعى إلينا بالمداس المهربد
* - وكتبت ـ حنان جناب في مجلة فنون:
(أحد الكتب الساخرة التي عرضت في معرض مسقط الدولي العاشر للكتاب (الشعر الحلمنتيشي) لمؤلفه محمد شفيق المصري، من إصدار دار الراية للنشر والإعلام، يقول صاحب الدار ومديرها احمد فكري: حسين شفيق كامل شاعر فكاهي تناول في شعره العديد من الموضوعات الاجتماعية والسياسية بطريقة فكاهية طريفة .والشعر الفكاهي ليس من السهولة نظمه لأنه يتطلب موهبة خاصة وسليقة ظريفة تستطيع أن تعطي لنا الفكاهة ببساطة وتلقائية، ويضيف احمد فكري: في الكتاب الذي قام الأديب والناقد محمد رضوان بجمعه يقدم سيرة حياة الشاعر ويحلل شعره الجاد والفكاهي بجدية وموضوعية، أما كلمة (الحلمنتيشي) فالشاعر هو الذي أطلق تلك التسمية على هذا اللون من الشعر الساخر الذي يمزج فيه بين الفصحى والعامية بأسلوب يعتمد على المفارقة المفجرة للسخرية مما يجعله فكاهيا لفظا ومعنى. وأساس الشعر أن يأتي في بداية قصيدته الهزلية بمطلع لقصيدة قديمة من أجود الشعر ، ثم ينسج على منوال هذا المطلع شعرا فكاهيا، فكان عمله أشبه بمعارضة هزلية للقصائد القديمة الرصينة التي نظمها كبار الشعراء.)
_________________________________________________
* والآن دعونا نستعرض بعضا من شعر شاعرنا الحلمنتيشى
- قال أبو العلاء المعري:
عللاني فإن بيض الأماني
فنيت واظلام ليس بفان
- فعاضه حسين شفيق المصري – منددا بمن ينتهزون شهر رمضان ليكثروا من الأكل ليلا حتى يصابون بالتخمة.. قال:
نصف شعبان قد مضى ووراء
النصف باقي الأيام من شعبان
فترى كل ما تحب وترضى
من شهي الطعام في رمضان
من كباب ، وكفتة وفطير
وكنافة متقونة في الصواني
وفراخ محمرات بسمن
خير ما يشترى من الفرخاني
وابدأ الأكل عندما يضرب المدفع
والهط واشفط وقربه كماني
غير أني أخاف أن يتخم الأبعد
أو.. قد يصاب بالزوران
ليس معنى الصيام لوكنت تدري
جوعة.. ثم أكلة عمياني
- ومن – مشعلقاته – اللاذعة... التي انتقد بها الاقتصاد المصري في ايامه وخضوعه للأجانب ..يقول :
وم الخواجات تأخذ كل شيء
بأسعار .. تجننا جنونا
فآبوا بالفلوس وبالهنايا
وأبنا بالشقاء مكضمينا
كبائعة مصاغا أو نحاسا
يرن غطاء حلتها رنينا
ولولا أن أوروبا علينا
لكنا قد مشينا عريانينا
إذا بلغ الفطام لنا وليد
يموت بحانة سكران طينا
______________________________
][/size]